وزارة التربية وسياسة فرّق تسد
بقلم سعدية بن سالم
أثارت مسألة ترفيع الوزارة في معاليم الإصلاح من طرف واحد جدلا واسعا في صفوف الأطراف النقابية، كما أدت إلى صدور بيانات ندّدت فيها النقابة العامّة للتعليم الثانوي بحملة التشكيك التي شنّتها الوزارة ضدّها، وعبّرت عن رفضها للزيادة أحادية الجانب التي أقدمت عليها وزارة التربية واستنكرت هذا التوجّه الذي انتهجته، وقد رأت الأطراف النقابيّة في الأمر محاولة لتحييدها وتجاوزها بما يمثّل استهانة بالعمل النقابي ومحاولة لتحجيمه، وتجمّع الأساتذة إثر ذلك أمام الإدارات الجهويّة احتجاجا على سلوك الوزارة وتعبيرا عن رفض هذا السلوك الذي يعدّ تجاوزا للنقابة العامّة للتعليم الثانوي من ناحية ورغبة من الوزارة في الاستفراد بالشّأن التّعليمي لتكون الخصم والحكم في نفس الوقت..
ولئن كنّا لا نختلف حول هذه القراءة لمقاصد وزارة التربية فإنّنا نريد لفت الانتباه إلى جوانب أخرى في المسألة لا تقلّ خطورة عمّا وقع ذكره.
كلّنا يدرك أنّ نجاح العمل النقابي لن يتحقق إلاّ في وحدة الصفّ بين الأساتذة والهيكل العمّالي الذي يدافع عنهم ويمثّلهم في مفاوضاتهم مع الإدارة وكلّنا يعلم أنّ الأستاذ في نهاية الأمر ما هو إلاّ موظّف يتلقّى راتبا آخر الشهر كثيرا ما يكون قد نفد قبل استلامه....وهنا مكمن الدّاء فالوزارة تعلم علم اليقين أنّ الراتب يحتاج تعديلا ولكن عوض معالجة الموضوع معالجة جذريّة تلتفّ على المسألة لتصبح مغازلة لبعض الأساتذة دون غيرهم وفي هذا السّلوك من الدهاء ما يحسب لوزارة التربية، فإن رضيت النقابة حقّقت الوزارة سابقة وهدفا مأمولا وهو تحييد الهيكل النقابي في موضوع يخصّ المدرّسين، وإن رفضت وقعت في إحراج مع بعض المدرّسين الذين سينظرون إلى المسألة من زاوية أنّ النقابة لا تريد لهم الخير وأنّها تعارض مصالحهم، وإذ أذكر هذا فمن يقين أنّ الأساتذة ليسوا كلاّ متجانسا وأنّ للأساتذة التزامات ماديّة في صيف تكثر فيه المناسبات ونحن لن ندّعي أنّ كلّ المصلحين قد رفضوا الزيادات من طرف واحد، فما يعنيهم أن الزيادة قد أُقرّت ( ولست هنا لأناقش هذا الأمر لأنّي لا يمكن أن ألومهم على ترحيبهم بالزيادة رغم أنّها لا تساوي شيئا أمام التعب الذي يتكبّدونه أيام الإصلاح) ما يعنيني فعلا هو هذا السعي من الوزارة إلى إحداث البلبلة بين الأساتذة وبين النقابة واللّعب على المسّ من الثقة بين الطّرفين بما يسهّل عليها التدخّل وفرض شروطها.. هذا من ناحية ومن ناحية ثانية فإنّ إقرار الزيادة في معاليم الإصلاح عمليّة لا يمكن أن تكون بريئة وهي التي تنظر بعينٍ إلى المصلحين وتغمض العين الأخرى على المراقبين والحال أنّ كلّهم في العناء سواء..
ثمّ ما الذي يمنع أن تكون هذه الزيادة أحادية الجانب إغراء للأساتذة للانسلاخ عن النقابة خاصّة إذا علمنا أنّ اختيار الأساتذة للإصلاح كثيرا ما يخضع لاختيارات خاصّة قد تتفاقم في قادم السنوات وفق معايير خاصّة أيضا ( وهذا الانتقاء يتعلّق خاصّة بأساتذة التاسعة أساسي باعتبار أنّ المناظرة غير إجبارية وبالتالي تستنجد مراكز الإصلاح بالأساتذة الذين ترضى عنهم أما المغضوب عليهم فلا مكان لهم، وهذا ما يمكن أن يثير الشقة بين الأساتذة في ما بينهم وبين الأساتذة وبين السادة المتفقدين وهو ما نخشاه) أليس في هذا السلوك الذي تنتهجه الوزارة تلويح بالمكافأة والعقاب؟!!
ثمّ إنّ هذه الزيادة أحادية الجانب بما أثارته من ردود أفعال متشنّجة أحيانا جعلت النقابة تبدو أمام الرّأي العام البسيط وكأنّها تعمل لما فيه ضرر الأساتذة فماذا سيقول المواطن البسيط إذا سمع أنّ الوزارة زادت في معاليم الإصلاح والنقابة ترفضها وهو الذي يتلقّى خطابا رسميّا ويكتفي بما يظهر على السّطح من الأمور؟!!
ولكن، تنسى الوزارة أمرا هامّا وهو أنّ للأساتذة من الوعي ما يمكّنهم من تميّز الخفايا وإدراك النّوايا المبيّتة وتنسى أنّ خمسين دينارا أو ألف دينار لن تجعل الأساتذة، نخبة البلاد ونورها، يتنازلون عن حقّهم.. وتنسى أنّ سياسة فرّق تسد ستقحم المدرسة التونسيّة في متاهات هي في غنى عنها ولن تجني منها المؤسّسة إلاّ الخيبة.. وفي هذا قول قد يأتي...
المصدر : منتدى" الديمقراطية النقابية و السياسية "
الرابط : http://fr.groups.yahoo.com/
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire