Pages

vendredi 2 juillet 2010

نتائج انتخابات عمادة المحاماة وهياكلها : "عودة الروح" بقلم فوزي بن مراد

وجهة نظر:

نتائج انتخابات عمادة المحاماة وهياكلها : "عودة الروح" بقلم فوزي بن مراد




بقلم الأستاذ فوزي بن مراد



لقد كانت انتخابات المحامين التي جرت يوم 20/06/2010 أكثر الانتخابات إثارة على الإطلاق طيلة تاريخ المحاماة، إذ تمت في وضع اتسم بالتوتر الشديد، خاصة وان طرفا من الأطراف المتقابلة كان غير مستعد للتفريط في أي موقع أو الانسياق إلى " هزيمة " يصعب تدارك نتائجها الوخيمة – على الأقل في المنظور القريب ... علاوة على اختلاف الأهداف والوسائل.


فالعميد السابق يجدد ترشحه رغم إعلانه في الماضي عدم رغبته في ذلك " لتعلقه الشديد" بمبدأ التداول على المسؤولية ...هذا التعلق انقلب إلى رغبة جامحة في اعتلاء منصب العمادة للمرة الثالثة ... يدخل العميد السابق السباق الانتخابي وهو مثقل بملفين: ملف سوء التصرف المالي وملف التسيير الانفرادي و لذلك فانه يطمح إلى إعادة انتخابه "لدحض" القائمة الطويلة من التهم الموجهة إليه من طرف جانب مهم من المحامين.


أما السلطة فهي تشارك في هذه الانتخابات – بواسطة قوائم « الخلية التجمعية » - وقد بدت على وجوه عناصرها، قبل بداية الاقتراع ، درجة عالية من النخوة والثقة خاصة وأنها تشكل الأغلبية داخل الهيئة الوطنية المتخلية ...لكأنهم لا يزالون يستعذبون نخب فوز قائمتهم في انتخابات المحامين الشبان في شهر مارس الماضي.


أما الطرف الثالث فقد تشكل من قوى مختلفة وعناصر سياسية ومستقلة اجتمعت على قواسم مشتركة فرضتها المرحلة خلال المدة النيابية للعميد السابق والتي تجندت لكشف سوء التصرف المالي وكانت وراء نداء الخمسين 1 ونداء الخمسين2 ... فضلا على مقاومتها للسلوك الانفرادي في التسيير الذي يمثل ممارسة غريبة على التقاليد الديمقراطية المتجذرة داخل المهنة...وسيكون هذا الطرف هو الجهة المقابلة انتخابيا للطرفين المذكورين أعلاه.


لقد بدأت الجلسة العامة بخطاب العميد السابق الذي تواصل قرابة الساعة وحاول فيه الظهور بمظهر الضحية – ولم يكن قادرا هذه المرة أن يدعي أنه ضحية السلطة – متهما كافة أعضاء مجلس الهيئة "بالتآمر عليه " والتخطيط للتفريط في "المكاسب" التي حققها بمفرده رغم فشل كافة العمداء السابقين ... لكن ما عاد موقع الضحية يستهوي المحامين جراء الإفراط في استعماله من طرف العميد السابق أثناء مدة نيابته أو قبلها بل طيلة تاريخ حملاته الانتخابية طولا وعرضا...



انقسمت الجلسة العامة إلى معسكرين : معسكر يضم القوى المناهضة لسوء التصرف المالي والاستبداد في التسيير. وتمثل الأطراف التي شكلت تجربة 13 مارس في انتخابات المحامين الشبان عموده الفقري... ومعسكر ثان يضم " المؤلفة قلوبهم " من « أنصار العميد » السابق وكتلة المحامين المنتمين إلى حزب السلطة والذين آثروا الصمت طيلة ردهات الجلسة العامة عن كل التجاوزات المنسوبة إلى العميد السابق ... وسيكونون - نتيجة لهذا الصمت وغيره من الأسباب- أكثر الخاسرين في الانتخابات ...


بدأ السباق الانتخابي .... وتم الإعلان عن نتائج الدور الأول الذي سيضع العميد السابق وجها لوجه مع أحد من كان يسميهم " عصابة الأربعة " وهو رئيس فرع تونس الأستاذ عبد الرزاق الكيلاني. لقد مثل صعود العميد السابق إلى الدور الثاني رجة عابرة لا امتداد زمنيا لها... إذ سرعان ما استرجعت المحاماة توازنها وعادت إلى وضعها الطبيعي اثر الإعلان عن النتائج النهائية.


لقد تعددت واختلفت الآراء والتحاليل حول نتائج انتخابات العمادة والهيئة الوطنية للمحامين لكن رغم ذلك كشف صندوق الاقتراع الحقائق التالية :



- كانت السلطة تسخر أجهزة الدولة وتجند كافة هياكل حزبها – وهذه حقائق تاريخية – لإسقاط العميد السابق ...إلا أن الأمر انقلب رأسا على عقب في الانتخابات الأخيرة وخاصة في الدورة الثانية ... فأصبح « الخصم السابق » هو " الحليف المدلل" الذي لم تتوقف محركات الحافلات عن الاشتغال لجلب ونقل الأصوات "المنقذة له" إلى صندوق الاقتراع ... كانت الحافلات تهرع كسيارات الإسعاف لإنقاذ غريق في النزع الأخير... ولكن هيهات... ألم يتنبأ بذلك الأستاذ الأزهر العكرمي في إحدى نصوصه الشيقة حين قال بأن أمر البشير الصيد سيكون ذات يوم " من الصعود المجلجل إلى السقوط المدوي"


- أن الاستنجاد بالسلطة وطلب مساندتها لا يمثلان سبيل النجاح المضمون في انتخابات المحامين خاصة في مستوى المسؤوليات الأولى


- يبدو أن التكتيك الذي وقع أتباعه في المعركة الانتخابية من طرف المحامين المنتمين إلى كتلة حزب السلطة ينم عن عدم الكفاءة في إدارة انتخابات نموذجية على قدر واسع من الشفافية و الصدقية .


فقد كانت النتيجة – خلافا للمقالات المنشورة في الصحف الرسمية – تمثل فشلا ذريعا لهؤلاء... إذ لم يتمكن مرشحو الخلية التجمعية من الصعود إلى الدورة الثانية سواء في انتخابات العمادة أو الفرع الجهوي بتونس كما انهزم رهانهم الانتخابي في الدور الثاني من العمادة والذي مثله العميد السابق
وفقدت الخلية كذلك مقعدين في تركيبة مجلس الهيئة الوطنية للمحامين


- في خضم الصراع الذي تواصل طيلة نيابة العميد السابق ومن خلال المعركة الانتخابية أثبت المحامون مدى تمسكهم باستقلالية هياكلهم واستعدادهم الدائم لمقاومة كل سلوكيات سوء التصرف والاستبداد بالرأي وتهميش هياكلهم وإدخالها في حالة من الاحتراب الداخلي... وهي رسائل متعددة لجهات مختلفة... وبذلك فان « تداول المحامين لهذا الموضوع في جلسة عامة مفتوحة للعموم وللصحافة يكرس دورهم الريادي في طرح كل مواضيعهم للنقاش والتداول فيها بما في ذلك التسيير المالي وشفافيته ....»(من مقال الأستاذ رضا بالحاج "المحامون ومراقبة التصرف في صندوق الحيطة والتقاعد" - المجلة القانونية جانفي 2010).



نقول في الأخير إن مهنة المحاماة عصية على من يخون استقلالها أو يتلاعب بمصالحها.قد تواتيه الظروف فينتصر مرة أو نصف مرة ولكن سرعان ما تعود الروح إليها فتنتفض لتهزم من أراد أن يهزمها.ذاك ما فهمه البعض قبل الأوان فتنبؤوا بما هو قادم وانتظروه في كثير من الطمأنينة والثقة بالنفس وما لم يفهمه آخرون فظلوا يجرون وراء انتصار مستحيل كمن يجري وراء ظله يحسب في غفلته انه قادر على أن يسبقه..."غير أن من ينظرون إلى الأحلام كثيرا ينتهي بهم الأمر إلى أن يصبحوا أشبه بظلالهم".

الموقف العدد بتاريخ 2 جويلية 2010

المصدر : منتدى" الديمقراطية النقابية و السياسية "

الرابط : http://fr.groups.yahoo.com/group/democratie_s_p

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire