Pages

vendredi 2 juillet 2010

الإخوان و البابا شنودة والتوافق على الدولة المهلبية


الإخوان و البابا شنودة والتوافق على الدولة المهلبية



الخميس، 1 يوليو 2010 - 20:06

شريف حافظ (*)

إنه لمن دواعي الدهشة، أن تجد الإخوان المسلمين، وقد انقلبوا على أعقابهم، وهم يبشرون بالمسيحية الأرثوذكسية، ويؤيدون البابا شنودة فيما ذهب إليه، ويتهمون العلمانيين في الوقت نفسه "باللادينية"، كونهم يقفون أمام البابا شنودة في "ادعائه" بنص الطلاق والزواج الثاني للأقباط، ضارباً بعرض الحائط نصوص المجامع المقدسة وعلى رأسها المجمع الصفوي، في 1239 ميلادياً، والذي توافق عليه 38 بابا على الأقل، وبلائحة المجلس الملي لسنة 1938، "مدعياً" أن واضعيها من الباشاوات والعلمانيين، وكأن الإيمان المسيحي، حكر عليه، وكأن رسالة المسيح ملكه وحده!! إنه أمر غريب بالفعل أن نجد البابا شنودة يستشهد بالنص الإسلامي "الاجتماعي" الحاض على ترك "أهل الكتاب" يحكمون في دينهم كما يشاءون، في أمر يخص الدولة المدنية التي يحض عليها هو شخصياً، بينما هو بهذا الاستشهاد، إنما خرج على كل ما قاله في السابق، وعبر عن نفسه هكذا، بأنه ذمي، عليه دفع الجزية في دولة دينية، وهو يستشهد بنص لا يخصه، ثم يخرج علينا من يقول، بعدم التدخل في أمر الكنيسة إن كُنا مسلمين!!!


إلا أنني لم أندهش كثيراً، عندما قرأت تاريخ البابا شنودة وقصة تغييبه الأقباط على مدى السنوات وربطهم بالنص دون طبيعة الحياة والتجديد الذي "ادعى" الانتماء إليه منذ أن دخل الكنيسة المصرية راهباً، ثم، وبعد كل تلك السنين في خدمة الكنيسة، لم يمتلك الدفاع عن نصه المسيحي باستخدام نص مسيحي أيضاً، وكأنه فقد "آليات" إيمانه!! ولم أندهش من منهاج جماعة الإخوان المسلمين، الذين اعتادوا أن يخلطوا الأمور، طالما أنها ستوصلهم إلى غايتهم في حكم البلاد، الذي يُسهله لهم البابا شنودة اليوم وأكليروسه! إن هذا ليُذكرنا، بأن الوحيد الذي اعترض على حل جماعة الإخوان المسلمين، حلها الأول في ديسمبر 1949، إنما كان السياسي المصري المسيحي الكبير مكرم باشا عبيد! وها نحن أمام مكرم عبيد آخر في هذا الشأن، ولكنه في تلك المرة، قداسة البابا شنودة الثالث!


البابا الذي لم يشلح زكريا بطرس، المتهجم على الإسلام يومياً، يستشهد بالنص الإسلامي في العلن، ثم يؤيده الإخوان المسلمون، وهذا أمر غاية في الخطورة، ويجب أن يوضع في الحسبان، لمن يريدون إقامة الدولة الدينية، حيث أن الإخوان على إستعداد "لبيع" القضية برُمتها، في سبيل السلطة، كما يبدو من تأييدهم للولاية الكبرى، كما يجيء في مقالات الإسلاميين المحبين للبابا شنودة في موقفه اليوم متجاوزاً مجامعه الدينية!!!

أليس هذا الدور "التبشيري" للإخوان المسلمين لافتاً؟ إنهم يعشقون القهر لمن هم "أضعف"، حتى لو تحالفوا مع البابا، عضو جماعة الأمة القبطية مُسبقاً، وهى الموازى لجماعة الإخوان من الناحية المسيحية!


إن الحديث عن الاضطهاد، من قبل شخوص الكنيسة المرقسية، إنما هو حديث كوميدي في بعض الأحيان، لأنهم ذاتهم ومن داخل الكنيسة، يضطهدون بقية الطوائف المسيحية في مصر! بل إن نيافة الأنبا بيشوي، قد قال بالحرف، أن المنتمين إلى بقية الطوائف المسيحية في مصر "غير مقبولين أمام الله"! إنه يقذف الناس وفقاً لرؤيته، وليس لدينه (الذي نُقدره عظيم التقدير)، ويشترط أن يأتوه بشهادة، بأنهم ليسو مسيحيين، حتى يكُف هجومه عنهم!! فعن ماذا تتكلم الكنيسة عندما تتكلم عن الاضطهاد وهى تمارسه، في شخص سكرتير المجمع المقدس؟!! وفى النهاية، وعند حدوث حوادث جلل، يظهر فيها الاضطهاد بالفعل، يعمل البابا، على أن يجذب الأقباط إلى الكنيسة، ولا يوجههم إلى الدولة، كي يحصلوا على حقوقهم، بل إن بعض التظاهرات، المطالبة بالحقوق المدنية، قد قامت مؤخراً فى قلب الكاتدرائية، وهنا يجب أن يكون للدولة وقفة قوية! فلا تظاهرات من قلب دور العبادة، ولا استخدام للدين من أجل نيل حقوق مدنية، ولا سطوة لأحد في الدولة في هذا الشأن!


لقد قال البابا شنودة في خضم حديثه دفاعاً عن "أسرار الزواج" في الكنيسة، إن "أقباط المهجر سيغضبون" ولا أعرف، من أين عرف قداسته، أنهم سيغضبون، إلا إن كان هذا اعترافاً ضمنياً منه، بعلاقته بهم!! ولا ننسى في مجمل ما نقول، دفاع الإخوان عن الكنيسة، حتى لا تتوه الأفكار!! إن قداسة البابا شنودة، يهدد الدولة، بأقباط المهجر، وهو تهديد غير مقبول جملةً وتفصيلاً! فإن كان الإخوان يستخدمون إيران وحزب الله وحماس، فقد زاد على كل ما سبق، استخدامهم لأقباط المهجر، لتهديد الدولة، بوقوفهم إلى جانب الكنيسة المصرية في الأزمة الحالية، الخاصة بحكم المحكمة الإدارية العليا! فيا للهول تغيير "الأفعى" الإخوانية، لجلدها، للوصول إلى مبتغاها، أياً كان لون الجلد الذي تصطبغ به!!


إن التفسير الوحيد لخلق تلك الأزمة، من قبل البابا شنودة وهو "المُجدد" في عصر البابا يوساب والمؤيد لعزله، والمخالف للبابا كيرلس في الكثير من الأمور، عبر مجلة "الكرازة"، كما يمكن لمن يريد أن يقرأ أن يعرف – أقول إن التفسير الوحيد لخلق تلك الأزمة، هو أن البابا يريد أن يظهر وكأنه "مسيحي" جديد، يواجه "الدولة الرومانية الجديدة" (الدولة المصرية في تلك الحال) واليهود الجدد في نظره (من يعترض على موقفه) ليظهر وكأنه المدافع عن المسيح والخلاص لكل مسيحي مصر، وهو الأمر الذي يستوجب المراجعة من قبله، في ظل استخدامه نفس الأساليب التي استخدمها الإخوان المسلمون في قضية "شهيدة الحجاب" وما ماثلها! وكأن الإيمان في خطر وكأن الدين نفسه في خطر، وهو أمر، لا يُمكن إلا لضعيفي الإيمان الاستشهاد به، لأن الأديان يحميها الله!


ولا أعرف، لماذا يتجاوز الأقباط من مؤيدي البابا اليوم، في هجومهم على كل من يُعارضهم، قوانين المجمع الصفوي، وموافقته على الطلاق لأكثر من علة الزنا، وقد قام في 1239 ميلادياً واعتنق تفسيره 38 بابا على الأقل، ثم العمل بلائحة المجلس الملي لسنة 1938، من قبل 4 باباوات؟ يبدو أنه نفس الخطاب الذي ينتهجه الإخوان المسلمين، في تخطى الحديث عن الدولة الدينية وقت قيام مفاسد "الكثير" من الخُلفاء، كما ورد في كتب التاريخ التُراثية، بل عن الفتنة الكبرى في القلب من خلافتين راشدتين!! إنها "الانتقائية"، لمن يفسرون النص، التفسير الأحادي، ويرفضون التاريخ، باعتراف الوهابية، التي لم تعد في ذهننا، إسلامية فقط، ولكن مسيحية أيضاً، فجاز التعبير عن القائمين على الكنيسة المصرية بأنهم وهابيون أيضاً، لأنهم يرفضون الفلسفة والمنطق ومُجمل النصوص التي اعترف بها الأقدمون منهم، ليقدموا التفسير الأوحد! إنهم يريدون أن يصنعوا من أنفسهم قديسين، على جُثث الناس أجمعين، وليس المسيحيين فقط، كما يتصور الناس! فبينما يبيعنا البابا للإخوان، يبيع الإخوان كل شيء، من أجل الدولة الدينية، التي ستخضع، إن وُجدت، لتفسير أُحادى أجوف، كما يظهر اليوم!

إن هذا التوافق ما بين البابا شنودة والإخوان المسلمين، إنما هو توافق على الدولة المهلبية وليس الدولة الدينية! هو يستشهد بالنص المسلم ليرضيهم وهم يوافقونه بغض النظر عن أي مواقف سابقة لهم أو له!!

هذا التوافق، يبدو طبيعياً فيما يتعلق بمن يطالبون بالتغيير اليوم، حيث يظهر وكأنهم نقلوا عن بعض المعارضون السياسيون اليوم (وهم أيضاً، أي البابا والإخوان، يمارسون سياسةً وليس ديناً)، الرغبة في أن يغيروا بأي شكل "والسلام"، بغض النظر عن المنتج النهائي والشكل العام للدولة في النهاية، وليعلو النص أو التغيير من أجل التغيير، فوق كل شيء، وليلعنوا التاريخ كله!!


إن "طز" مهدي عاكف، المرشد السابق للإخوان المسلمين، يوازيها، قرار البابا شنودة مواجهة الدولة في أكثر من مناسبة! إنه لا يهمه مصر من الأصل وأفعاله (مثل قضية وفاء قنسطنطين وما أعقبها من أحداث مُماثلة)، إنما تعبر كثيراً عن مقولة مهدي عاكف: "طز في مصر"! فان كانت تهمه، لما كان اقتنص كل فرصة، لإقامة الدنيا ولم يُقعدها! وهو نفس منطق الإخوان المسلمين! أي موقف يمكن أن ينفجر إلى مستوى أزمة، يجب اقتناصه! بل إن البابا لا يهمه نص، حيث حث نص الكتاب المقدس، على زواج الشماسة والرهبان، فلم لا يتزوجون؟ ثم إنه تراجع عن التبني، رغم النص به، فلماذا يا تُرى؟؟! والأزمة الحالية يقول بها، "طز في أغلب باباوات الكنيسة المرقسية السابقين"، وكأنه الأعلم فيهم جميعاً!

لن نقف مكتوفي الأيدي، مشاهدين "تغييب" المصريين! لن نقف متفرجين، أمام من يكفرنا أو يهرطقنا أو يشلحنا أو يحرمنا، وعل الأزمة الحالية، أفادنا فيها البابا والإخوان، في أننا اندمجنا أكثر، كمسلمين ومسيحيين، وخطونا الخطوة الأكبر نحو الدولة المدنية، بأن اطلع كلُ منا على نصوص الآخر، ولم يصبح هذا من المُحرمات، التي مُنعنا عنها "معنوياً" في السابق! نشكرك قداسة البابا ونشكر الإخوان، لأن موقفكما المُتضامن، للمزيد من السيطرة على المصريين باسم الله، إنما عرى كل ما تطمحون إليه، من تغييب، وها نحن نقف معاً في خندقٍ واحد، متماسكين من أجل الحق والعدل والمساواة بين جميع المصريين، باحترامنا لكل الأديان، التي هي بالأساس منبعثة من أصلٍ واحد!

ملاحظة أخيرة : بعد بضعة أيام، تحل الذكرى 34 لحرمان البابا شنودة الثالث، وتحديداً في 6 يوليو 1976، من قبل الأنبا مينا مطران جرجا، وذلك في المقر البابوي بالعباسية بحضور الأنبا صموئيل أسقف الخدمات، لمخالفته وقتها نص القوانين الكنسية المتلاحقة عبر التاريخ، ومما يذكر أن الأنبا مينا، كان يشغل وقتها، نفس الدرجة الكنسية للأنبا شنودة. فلم لم يُحرم البابا، وفقاً للقوانين التي يتكلم بها اليوم، ووفقا لاحترام الكنيسة في عصره النص؟!

* أستاذ علوم سياسية

http://www.youm7.com/News.asp?NewsID=248519

المصدر : إعادة نشر منتدى" الديمقراطية النقابية و السياسية "

الرابط : http://fr.groups.yahoo.com/group/democratie_s_p



Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire